لقطة شاشة من فيديو منشور على وسائل التواصل الإجتماعي يوثق لحظة لحظة اعدام أحد المواطنين من قبل أفراد بعضهم يرتدون زياً عسكريا

أمستردام: 9 يناير 2025: راديو دبنقا
أثار مقطع فيديو تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية ردود فعل غاضبة واسعة. ويظهر مقطع الفيديو عدد من جنود القوات المسلحة والمستنفرين وهم يقومون بتصفية شخص بملابس مدنية بعد جدل بينهم حول انتمائه لقوات الدعم السريع بعد دخولهم أحد أحياء أمبدة التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ بداية الحرب.
وحسب الحديث المتداول بين عناصر القوات المسلحة والمستنفرين فإنهم استقوا معلوماتهم عن انتمائه لقوات الدعم السريع من رد طفلته على سؤالهم لها عن انتماء والدها. وسط هذا الجدل، سارع أحدهم بسحب الضحية بالقوة بعيدا عن زملائه وقام بإطلاق النار عليه وأرداه قتيلا رغم محاولات بعض زملائه اثنائه عن ذلك. وواصل جندي آخر إطلاق الرصاص على الضحية حتى بعد أن سقط على الأرض مضرجا بدمائه.
عاصفة من الادانات
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي عاصفة من الإدانات لهذه الجريمة من قوى سياسية ومدنية وحتى من مواطنين بشكل فردي. واعتبر الكثيرون هذه الجريمة قتلا خارج نطاق القانون، واستمرارا لاستهداف هذه الحرب للمدنيين، ومواصلة للانتهاكات والجرائم الفظيعة التي يتعرضون لها. واتهم البعض قيادة القوات المسلحة بالتستر على الكثير من الجرائم وعدم مساءلة المتورطين في جرائم سابقة مما يشجع المقاتلين على إعادة ارتكاب الجرائم والانتهاكات. واسترجع المدونون حوادث سابقة مثل جريمة قطع رؤوس اثنين من المدنيين بواسطة جنود من القوات المسلحة في شمال كردفان، وكذلك حادثة نهش أحشاء عدد من مقاتلي الدعم السريع والتي وعد الجيش بالتحقيق حولها ومعاقبة مرتكبيها وهو ما لم يحدث حتى الآن.
تعميم صحفي من القوات المسلحة
وأمام قوة الحملة الإعلامية، اضطر الناطق الرسمي للقوات المسلحة لإصدار تعميم صحفي بتاريخ 9 يناير يصف فيه الضحية بأنه “أحد المتمردين” حتى قبل إجراء أي تحقيق. ووصف ما جرى بأنه سلوك مستهجن يمثل تجاوزاً فرديا ترفضه أخلاقيات وقيم الدين والقانون وأعراف القوات المسلحة، وأشار إلى القبض على من ارتكبوا هذا الجرم لمحاكمتهم طبقاً لقانون القوات المسلحة. واكتفى فريق التحقق في راديو دبنقا بهذا التعميم الصحفي على أنه دليل على صحة مقطع الفيديو.
وأكد الناطق الرسمي للقوات المسلحة حرصها التام والصارم على التقيد بالقانون الدولي الإنساني وقواعد الاشتباك وعدم مجاراة أفرادنا لتصرفات المليشيا الهمجية وسيتم محاسبة كل من يتجاوز حدود القانون من أفرادنا بلا هوادة.
رد فعل قوات الدعم السريع
تزامن تداول مقطع الفيديو مع إعلان وزارة الخارجية الامريكية فرض عقوبات على قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، وعدد من الشركات التابعة لقوات الدعم السريع. لذا لم يدع الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع هذه الفرصة وأصدر بيانا من جانبه وصف فيه ما حدث جريمة بتصفية جسدية بإعدام شاب بوابل من النيران في مشهد عبثي يجافي الأعراف السودانية والفطرة الإنسانية السّوية، واتهم من اسماهم بمليشيات البرهان وكتائب الحركة الإسلامية بارتكاب هذه الجريمة.
وأدان البيان الجريمة واعتبرها واحدة من جرائم التصفيات الانتقائية على أسس جهوية وإثنية، وقال إنها تمثل تعدياً خطيراً ومنافياً للقوانين والأخلاق، يتطلب المساءلة والمحاسبة بموجب القوانين والأعراف الدولية، ويستدعي الإدانة الفورية من قبل الجهات الحقوقية والمنظمات الإنسانية.
مقطع فيديو ثاني
ولم تمض ساعات على صدور هذه البيانات، حتى تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو ثاني مدته 25 ثانية ويظهر فيه جندي يرتدي الكدمول ويلف علم قوات الدعم السريع بلونه الأصفر المميز ما يشي بانتمائه لقوات الدعم السريع وهو يقول بأنه لن تكون هناك أي رحمة بعد الآن لأي فلولي وبلبوسي قبل أن يطلق النار على شاببن بالملابس المدنية ممدان على الأرض. ويظهر مقطع الفيديو ومن خلال حركة الشابين الممدين على الأرض أنهما كانا أحياء حتى تم إطلاق النار عليهم. بينما يسمع صوت آخر لشخص يهنئ مرتكب الجريمة على ما أقدم عليه.
ولم يستطع فريق دبنقا التأكد مما إذا كان مقطع الفيديو هذا جديد أو مقطع قديم أعيد تداوله للرد على مقطع الفيديو الأول الخاص بجريمة القوات المسلحة. وإن كان هذا المقطع وبغض النظر عن تاريخه يؤكد وجود هذا النوع من الانتهاكات وعلى نطاق واسع من كل الأطراف المشاركة في الحرب.
سلوك متجدد من طرفي الحرب
وفي تعليقها على مقطع الفيديو، أكدت الأستاذة رحاب المبارك المحامية في حديث لراديو دبنقا أن ما ظهر في مقطع الفيديو يوضح بجلاء غياب الدولة السودانية ككل، كما يؤكد انفراط العقد تماما فيما يخص مراقبة القوات المسلحة لأفرادها. واعتبرت أن الادعاء بأن هذه الأعمال هي أعمال فردية هي مجرد فرية لأن المسلح تم تسليحه ومتابعته وإعطائه الأوامر ما يؤكد تبعيته للقوات المسلحة وأن هذا السلوك ليس سلوكا فرديا، بل هو سلوك راتب للقوات المسلحة التي تقوم بتصفية المواطنين خارج القانون بجانب الاعتقالات.
ونوهت الأستاذة رحاب المبارك المحامي إلى أن هذا السلوك متبادل ما بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث فقد طرفا الحرب سيطرتهما على قواتهما على الأرض وأصبحت التفلتات من الجانبين رهينة بالشخص الذي يحمل السلاح إذا كان مجنونا أو متهورا أو في حالة سكر. وأشارت إلى تكرار مثل هذا السلوك في مناطق أخرى مثل الفاو وسنجة وفي أوقات سابقة، وهو سلوك ليس بجديد، بل سلوك متجدد.
القاضي والجلاد
وأشارت الأستاذة رحاب المبارك المحامي في حديث لراديو دبنقا إلى أن القوات التي تحمل السلاح في يدها أصبحت هي القاضي والجلاد، حيث تقوم بقتل المواطنين حسب المزاج الشخصي، وحسب لون بشرتهم وبحسب منطقة تواجدهم. واعتبرت أن الأسوأ في هذا السلوك الراتب هو الحرص على تصوير هذه الجرائم ونشرها على نطاق واسع.

ولفتت الأستاذة رحاب المبارك المحامي إلى مقطع فيديو يتم تداوله حاليا لقوة من قوات درع السودان تقوم باعتقال عشرات من المواطنين والمزارعين العزل في قرية أم القرى وتفتخر بأن هذا هو حصادها لليوم. وتوقعت أن يكون مصيرهم نفس مصير المواطن الذي تم قتله في منطقة أمبدة ونفس مصير المواطنين الذين ظهروا في مقطع فيديو آخر وتم قتلهم بواسطة الدعم السريع في مناطق سيطرته.

المسؤولية تقع على القيادات
وشددت الأستاذة رحاب المبارك في حديث لراديو دبنقا على أن حملة السلاح هم من يتحكمون في مصير هذا الشعب. أما القيادات المسؤولة في الجيش والدعم السريع فهي لم تعد تسيطر على هذه القوات التي تستقوي بسلاحها وبندقيتها للانتقام من الشعب السوداني.
واعتبرت الأستاذة رحاب المبارك المحامي أن الغرض من بيان القوات المسلحة هو حفظ ماء الوجه، لكن المسؤولية تقع على أي عناصر من القوات المسلحة تحمل السلاح ومسؤولية القائد المباشر لهم بالكامل بالنظر إلى أنه من يصدر الأوامر ويسلح الجنود. ونفس الشيء ينطبق على المخالفات والانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع حيث إن المسؤولية هي مسؤولية القائد ولا يستطع أحد أن ينفض يده من مسؤولية الجرائم الجسيمة نهائيا.

Welcome

Install
×