أزمة نادي المريخ.. صراع بين مجلسين
يعيش فريق المريخ العاصمي محنة قد تكون تاريخية بعدما تصاعدت الخلافات بين أقطابه حول تولي رئاسة النادي العملاق
أزمة نادي المريخ.. صراع بين مجلسين
يعيش فريق المريخ العاصمي محنة قد تكون تاريخية بعدما تصاعدت الخلافات بين أقطابه حول تولي رئاسة النادي العملاق.صراع متواصل بشأن إدارة المريخ خرج من الغرف المغلقة والمكاتب إلى ملعبه بـ"أم درمان" ليتحول إلى ساحة حرب ومواجهات دامية بين أنصار مجموعتين تتنازعان حول رئاسة النادي، ما أثار القلق الكبير على مستقبل "الزعيم" كما يحلو لجماهيره تسميته.
إتلاف للممتلكات واعتداء وضرب أعيرة نارية في الهواء، كانت محصلة مواجهات نادي المريخ، وهي تجليات تهدد مصير "الأحمر الوهاج" أحد قطبي الكرة السودانية إلى جانب الهلال، وفق بعض الخبراء الرياضيين.
أسباب الفتنة
وتتلخص أزمة المريخ في وجود مجلسين لإدارة النادي، الأول بقيادة الرئيس المنتهية ولايته آدم سودكال، والثاني يتزعمه حازم مصطفى وكلاهما يزعم أحقيته القانونية في رئاسة النادي.
وعقدت المجموعة الثانية جمعية عمومية في ضاحية "الموردة" بمدينة "أم درمان" وأعلنت من خلالها فوز قائمة حازم مصطفى بانتخابات مجلس إدارة المريخ وأخطرت الاتحادين السوداني والدولي لكرة القدم بالنتائج.
في الجانب الآخر، أقامت مجموعة سوداكال جمعية عمومية في مقر النادي وأعلنت فوز المجلس المنتهية ولايته بدورة جديدة لإدارة المريخ.
ومع تنامي الجدل، شكل الاتحاد السوداني لكرة القدم الذي يرأسه الرياضي المخضرم كمال شداد، لجنة ثلاثية لفض النزاع، والتي أيدت في تقريرها أحقية مجموعة حازم مصطفى برئاسة المريخ، لكن الاتحاد لم يأخذ برأيها وقدم طلب استشارة للفيفا بشأن هذه الأزمة وما زال ينتظر الرد.
وتكمن المعضلة في وجود أكثر من لائحة تنظم العمل بنادي المريخ، إذ يستند كلا الطرفين إلى نصوص قانونية في أحقيته في تولي رئاسة النادي.
وقال نائب رئيس المجلس المنتهية دورته، الصادق جابر مادبو في تصريحات لـ"العين الرياضية": "سوداكال هو الرئيس الشرعي لنادي المريخ، وبالتالي هو من يحق له الدعوة إلى جمعية عمومية حسب نصوص النظام الأساسي المرسل إلى الفيفا وهذا ما فعلناه وفزنا بولاية جديدة".
وأبدى الصادق جابر مادبو ثقته في أن يؤيد الاتحاد الدولي لكرة القدم فوز مجلسهم بقيادة آدم سوداكال برئاسة المريخ، مضيفا: "هذه مسألة وقت، لأن الفيفا حدد أن الرئيس الشرعي هو من يقوم بالدعوة للجمعية العمومية".
بالمقابل، قال محمد سيد أحمد الجاكومي وهو نائب رئيس المجلس في مجموعة حازم مصطفى: "مجلسنا فاز في عملية انتخابية ديمقراطية، ومع ذلك يتردد قادة الاتحاد السوداني لكرة القدم في قبول النتائج".
وأضاف: "أرسلنا نتائج الانتخابات التي جرت وفازت فيها مجموعتنا، وأكدت صحتها اللجنة الثلاثية للاتحاد السوداني، الى الاتحاد الدولي لكرة القدم".
وعن اقتحام مؤيدي مجموعته لملعب نادي المريخ بـ"أم درمان"، قال الجاكومي: "جماهير المريخ قالت كلمتها وهي التي جاءت بنا في ديمقراطية لا مثيل لها".
وكانت النزاعات قد نشبت بين مجموعة آدم سوداكال وحازم مصطفى، بعد بيان من الأولى هددت فيه المجموعة التي أعلنت تحريرها للاستاد والنادي بعواقب وخيمة، قبل أن تنفذ الأولى تهديدها بالعودة في ساعة متأخرة الليل، لتعلن استعادة الاستاد.
وتعرض مدير الأمن في النادي، المعين من قبل مجموعة سوداكال، لإصابات بالغة، تمثلت في كسر على مستوى القدم، بعد اجتياح أنصار حازم مصطفى لاستاد النادي.
الاتحاد تسبب في تطور الأزمة
ويشير الخبير القانوني، محمد أحمد البلولة إلى أنَّ الاتحاد السوداني لكرة القدم تسبب في تطوير الأزمة التي يعيشها المريخ حالياً، حيث قام بتشكيل لجنة ثلاثية والتي لم تكن شفافة في عملها وأصدرت تقارير متضاربة.
وقال البلولة "عدم شفافية اللجنة الثلاثية وتضاربها، أمور جعلت رئيس اتحاد الكرة كمال شداد يتردد في القبول بنتائج عملها".وحث الخبير القانوني جميع الأطراف على عدم التسرع وتصعيد المواقف وانتظار رؤية الفيفا لحل أزمة الإدارة بالمريخ، لأن النهج الحالي قد يتسبب في كارثة رياضية كبرى بالبلاد، فضلاً عن أنها تهدد مستقبل ويحمل الصحفي الرياضي ياسر المنا الاتحاد العام للكرة، مسؤولية الربكة التي حدثت، لعدم إصداره ما يفيد بوضعية مجلس الإدارة المنتهية ولايته، حيث لم يصدر خطابا لتمكين مجلس حازم من منشآت النادي.
ويوضح الصحفي ياسر المنا: "تعامل كمال شداد رئيس الاتحاد العام مع المسألة من منطلق الخوف من ألا يكون مجلس حازم في صفه، وبالتالي يخسر صوته في انتخابات الاتحاد العام التي ستجرى خلال الفترة المقبلة".
ويتفق صلاح نصر، الأمين العام لتحالف مشجعي المريخ مع ما ذهب إليه المنا، وقال لموقع سكاي نيوز عربية، إن الاتحاد سمح بوضعية غريبة تتمثل في وجود لائحتين الأولى تعود للعام 2019 وهي التي استند إليها سوداكال، والثانية المعدلة للعام 2021 والتي يستند إليها مجلس حازم مصطفى.
لكن المحلل الرياضي ياسر قاسم يرى أن الاتحاد العام يقف الآن موقف الحياد حتى يتم حسم الجدل القانوني. ويشير قاسم إلى أن الاتحاد العام للكرة تدخل وطلب استمرار مجلس سوداكال، لكن حدثت احتجاجات من الجمعية العمومية كما حدثت انقسامات داخل المجلس المنتهية ولايته نفسه.
ويقول قاسم لموقع سكاي نيوز عربية إنَّ الأزمة معقدة جداً وتعكس حالة من الفوضى وربما تقود في نهاية الأمر لاستبعاد المجموعتين وتعيين لجنة تسيير مؤقته لفض الاشتباك والتحضير لجمعية عمومية جديدة.
شداد: الحل بيد الوزارة
من جانبه أكد الدكتور كمال شداد رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم، أن حل أزمة المريخ الإدارية بات الآن بيد وزارة الرياضة السودانية، حيث أصبحت الأزمة على طاولة وزيرين للرياضة، وذلك في أعقاب اجتماع رسمي بينه ووزير الرياضة الاتحادي الدكتور يوسف آدم الضي وهنادي الصديق الأمين العام لوزارة الشباب والرياضة الولائي (بدرجة وزير).
وقال شداد: الاتحاد الدولي لكرة القدم، يريد حلاً لأزمة المريخ، وقال: إذا وجدناه فإننا لن نتشاور فيه مع «فيفا» ، وذلك لأنه ينظر إلى الأمر من منظور أنها مشكلة داخلية، وبعد أن نجد الحل سوف نبلغه به، وحدد شداد في حديثه أن للوزيرين سلطات لإيجاد الحل، وأنه ليس هناك حل مرض، وأي حل ينهي الأزمة سوف يقبله اتحاد الكرة السوداني. واختتم بقوله: لو أعلن أي من طرفي الأزمة عن تنازله فإن الأمر يعتبر مقبولاً عندنا، ولو وصلا إلى وفاق سوف يجد عندنا القبول، ولو جاءت الوزارة بأي حل ينهي الأزمة فإننا سوف نقبله.
وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، قد حثَّ الاتحاد السوداني لكرة القدم، على إيجاد حل جذري ونهائي لقضية نادي المريخ، بكل الطرق والحيثيات، بما فيها إمكانية اللجواء إلى أجهزة الدولة ووزارة الشباب والرياضة من أجل حماية نشاط كرة القدم بالبلاد، ودعم استقراره.
الأزمة وانتخابات الاتحاد
ستكون كرة القدم السودانية على المحك الإداري، لأن أزمة نادي المريخ الإدارية تنقلت ما بين الاتحاد السوداني والاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" إلى الدولة السودانية ممثلة في وزير الرياضة الاتحادي الدكتور يوسف آدم الضي والأمين العام لوزارة الشباب والرياضة "بدرجة وزير" هنادي الصديق.
لتصل أزمة نادي المريخ الإدارية إلى محطة لجنة انتخابات الاتحاد السوداني التي ستجد نفسها في محنة واختبار حقيقي إما إجبارها على نسف العملية الانتخابية أو الخروج بالكرة السودانية إلى بر الأمان.
الأزمة الإدارية بنادي المريخ المتثملة في إدارته عن طريق مجلسي إدارة منتخبين عن طريق جمعيتين عموميتين، على صلة قوية بالجمعية العمومية للاتحاد السوداني، وذلك بعد أن أعلنت لجنة الانتخابات عن اسم المريخ عضوا في تلك الجمعية ويحق له المشاركة والتصويت.
ومن هنا فإن المحك الحقيقي لأزمة المريخ وتأثيرها على انتخابات الاتحاد السوداني، سيظهر لكن أي من المجلسين سوف يمثل نادي المريخ في جمعية الاتحاد السوداني.
وبذلك فإن حرمان أي من المجلسين، وشعوره بالتضرر من حرمانه من المشاركة سيصعد بالأزمة إلى الفيفا ومحكمة التحكيم الرياضية الدولية "كاس"، وقد يصدر قرار من الجهتين بإيقاف أو تعليق الجمعية إلى أجل غير مسمى.
ووصل التأثير المحتمل لأزمة نادي المريخ على انتخابات الاتحاد السوداني، إلى أن خط ومنهج الاتحاد السوداني والفيفا ممثل في لجنة الحوكمة المرسوم هو تجنب التدخل في ملف المريخ الإداري، لأنه بحكم النظام الأساسي ونظام الاتحاد السوداني يعتبر نادي "مستقل".
وتؤكد القرارات التي صدرت من الجهتين هروبهما من حل الأزمة، فأي قرار لو صدر منهما كان سيعتبر تدخلا من طرف خارجي في شأن نادي مستقل، وبالتالي سيتقدم الطرف المتصرر في المريخ بشكوى لدى محكمة "كاس"، التي ستكون أمامهما حيثيات جاهزة لتجميد الكرة السودانية.
ورفض الدكتور كمال شداد اعتماد مجلس في المريخ يرأسه حازم مصطفى، وكذلك رفضه الفيفا، ونفض الطرفان يدهما من التدخل في شأن المريخ.
وجاء مقترح الفيفا والكاف في سبتمبر الماضي، للاتحاد السوداني بطلب المساعدة من الدولة السودانية ووزير الرياضة في حل الأزمة، فتنفس كل من الاتحاد السوداني ولجنة الحوكمة الصعداء، بانتقال ملف الأزمة إلى الدولة.
ويبقى الحل النهائي في أزمة المريخ بيد الدولة الآن فهي من يجب عليها بل وملزمة أن تجد حلا للأزمة لمنع تمدد أثر الأزمة لانتخابات الاتحاد السوداني، وذلك قبل يوم 13 نوفمبر المقبل الذي ستجرى فيه العملية الانتخابية.