أبي أحمد في بورتسودان.. ملفات أمنية معقدة في طاولة المباحثات
أمستردام: 9 يوليو 2024: راديو دبنقا
وصل رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد إلى بورتسودان، صباح اليوم الثلاثاء، في أول زيارة لزعيم افريقي بعد اندلاع الحرب في السودان.
وتأتي الزيارة في أعقاب التصريحات التي أدلى بها أبي أحمد في البرلمان الإثيوبي الأسبوع الماضي وأكد خلالها حياد بلاده إزاء الحرب، وعدم دعم أي طرف في الصراع بالسودان وإن موقفهم يتمثل في مساندة جلب طرفي الصراع الى طاولة الحوار والسلام وإنهاء الحرب.
ويقول الصحفي والباحث في الشأن الافريقي عبد المنعم أبو ادريس إن الزيارة ترتبط بشكل رئيسي بالملفات الأمنية داخل اثيوبيا وفي السودان، كما أنها تأتي في إطار التنافس بين مصر واثيوبيا حول الملف السوداني.
وأوضح إن ابي أحمد يزور السودان في الوقت الذي تقترب فيه الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع إلى مسافة 150 كيلومتر من الحدود الإثيوبية بعد تمدد قوات الدعم السريع باتجاه محور الدندر في ولاية سنار.
وتبعد مدينة الدندر 60 كيلومتراً عن الحدود الإثيوبية ، كما تبعد مدينة ابو حجار التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع 175 كيلومتر، بينما تبعد سنجة 194 كيلومتراً ، والسوكي 223 أما مناطق غرب الفاو 270 كيلومتراً وهي المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع
وأشار إن الزيارة تأتي في وقت يشهد فيه إقليم الأمهرا المجاور للسودان اضطرابات وصلت إلى درجة الاشتباكات بين الجيش الاثيوبي الفيدرالي ومليشيات الفانو مع معلومات متداولة عن عبور قوة من الفانو للحدود مع السودان إلى ولاية القضارف.
ومليشيا الفانو هي إحدى قوات إقليم الأمهرا التي تعارض الحكومة الإثيوبية الفيدرالية وتنتشر بشكل واسع في الإقليم وسيطرت في وقت سابق على بعض المناطق.
زيارة أمنية بامتياز
ويضيف أبو إدريس “لذلك فإن الزيارة ذات طابع أمني بامتياز أكثر من أي أمر آخر حيث تهدف للتنسيق بين الجانبين لتحقيق كل طرف تقدم في “مواجهة القوى المتمردة عليه” مما يهدد بأن المنطقة بكاملها ستشهد انفجاراً لمختلف اشكال الصراع”. ولفت إلى اتهامات بمشاركة بعض الاثيوبيين كمرتزقة خلال الحرب الدائرة في السودان.
وأشارت تقارير متعددة إلى مشاركة قوة من مجموعة التيغراي، رافضة للاتفاق الذي تم توقيعه بين الحكومة الاثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في وقت سابق بجنوب افريقيا، ضمن قوات الجيش في محور الفاو وانتقالها مؤخراً الدندر.
ملفات سياسية
ويقول أبو ادريس أن زيارة ستتناول قمة الاتحاد الافريقي المزمع انعقادها منتصف الشهر الجاري بشأن السودان بدعوة من مجلس السلم والأمن الافريقي، لم يستبعد أن تعرض اثيوبيا مواقف داعمة للجيش مقابل الحصول على ضمانات للتعامل مع مليشيات الفانو والقوى الرافضة لاتفاق جنوب افريقيا بين الحكومة المركزية ومجموعة التيغراي.
وأكد أيضا أن المباحثات تأتي في إطار التنافس الاثيوبي المصري خاصة وأن أديس أبابا، بعد انعقاد مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية مطلع الأسبوع الجاري في القاهرة، باتت تشعر بأن الملف المدني يمكن يسحب منها الأمر الذي يمثل أمر مقلقاً لها في ظل التنافس التاريخي المعلومة ين البلدين.
ملفات اقليمية
ويوضح أبو إدريس أن زيارة أبي أحمد تأتي في ظل التوتر بين اثيوبيا وارتريا مؤخراً في ظل التحركات الإرترية الأخيرة وإمكانية استثمارها في التوترات بإقليم الأمهرا ودعمها تلك المجموعات مما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من تعقيد الأوضاع.
وشهدت العلاقات بين اثيوبيا وارتريا بعد توقيع الحكومة الاثيوبية اتفاق مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي قضى بإنهاء الصراع في الإقليم في الوقت الذي أبدت فيه ارتريا تحفظها على الاتفاق لصراعها التاريخي في جبهة التيغراي.
تحولات متوقعة
وكان أبي أحمد قد أدلى بتصريحات في البرلمان الإثيوبي الأسبوع الماضي أكد فيها أن بلاده لم تستغل الصراع الدائر بالسودان “لاستعادة أراضي دخلها الجيش السوداني مستغلا حربنا مع جبهة تحرير تيغراي”. وأكد تمسكهم بمبادئ حسن الجوار مع السودان.
ويعتبر أبو ادريس التصريحات رسالة تطمين للسودان قبل وصول أبي أحمد إلى بورتسودان والتلميح إلى أن اثيوبيا تسعى لفتح صفحة جديد خاصة في ظل التقارير الإعلامية التي ظلت تتهم اثيوبيا بدعم الدعم السريع حيث استقبلت قائد الدعم السريع في بداية العام الجاري بجانب العلاقات الاقتصادية والاستثمارية التي تربط بين شركات ترتبط بالدعم السريع واثيوبيا.
ولا تخفي كل بورتسودان مخاوفه من انفتاح قوات الدعم السريع في اتجاه الشرق وتأثير ذلك العلاقات بين البلدين. وبعد هجومها الواسع في ولاية سنار وتواجدها على أطراف ولاية القضارف وشمال ولاية النيل الأزرق، يرى المراقبون أن الدعم السريع يعمل على فتح طرق إمداد قصيرة لقواته عن طريق الحدود مع اثيوبيا، ويأخذ ذلك في الاعتبار العلاقات الوطيدة بين الإمارات واثيوبيا.
ولم يستبعد أن يتحول موقف أبي أحمد إلى مساندة الجيش في حال حصوله على تسهيلات في صراعه مع الفانو والحكومة الارترية، ولكنه أكد في الوقت ذاته أن هنالك عقبات تعترض هذا الخيار تتمثل في العلاقات الوثيقة بين الإمارات واثيوبيا واستثماراتها الضخمة هناك. وقال إن الاتفاق بين البرهان وابي أحمد في حال حدوثه سيخلط الكثير من الأوراق .
ملفات مستبعدة
واستبعد أبو إدريس أن يثير رئيس الوزراء الإثيوبي ملف الفشقة خلال الزيارة متوقعا إنه سيغض الطرف عنه في هذه المرحلة خاصة وأنه يرتبط بمجموعة الأمهرا التي تعارضه. وبين إن التطورات الأمنية على الحدود بين البلدين تزيد من المخاوف بشأن نجاح الموسم الزراعي ” وقال إن المزارعين لا يمكن أن يستثمروا أموالهم في ظل وضع أمني هش”.
وتوقع ألا يحظى ملف السلام في السودان بأولوية لأنها زيارة أمنية في المقام الأول ولكن يمكن أن يأتي تناولها في اطار التنافس مع القاهرة حيث يمكن أن تعرض اديس اباب قضايا تناسب الجيش واستخدام ثقلها في التأثير على القمة التي ستنعقد منتصف الأسبوع الجاري.
ومن المستبعد أيضا أن يتم ادراج ملف أوضاع اللاجئين السودانيين في إثيوبيا في جدول المفاوضات بالرغم من أن عددهم وصل حاليا إلى حوالي 134 ألف لاجئ يتواجدون في معسكرات في غرب أثيوبيا ويعانون من مصاعب تتعلق بالأمن بسبب هجوم عصابات الشفتة على معسكراتهم ونقص كبير في امدادات الغذاء والدواء.
وبشأن ملف سد النهضة، استبعد الصحفي والباحث عبد المنعم أبو ادريس تناول ملف سد النهضة الزيارة خاصة وأن اثيوبيا لم تعد تحفل بمواقف السودان ومصر في ظل اكتمال بناء السد والملء الخامس مبيناً أنها ليست في حاجة لاثارة الملف إلا في حال طرح البرهان ذلك وأشار إلى اثيوبيا قررت أن تمضي قدما في شأن السد مستفيدة من اعلان المبادئ الذي تم توقيعه عام 2014 والذي مكنها من الاستمرار في تشييد السد مع تواصل المباحثات.