عقب مقتل 124 شخصًا في السريحة “الدعم السريع” تمنع المواطنين من مغادرة قراهم
السبت 26/ أكتوبر/ 2024م: راديو دبنقا
تقرير: سليمان سري
خيم الحزن على ولاية الجزيرة إثر الأحداث الدامية التي شهدتها أمس الجمعة وأدت لمقتل 124 شخصًا من قرية السريحة بمحلية الكاملين، في مجزرة ارتكبتها قوات الدعم السريع، وأصيب نحو 200 آخرين واعتقلت 150 من المواطنين. بينما أغلقت الطرق الرئيسية لمنع المواطنين من الخروج واستخدامهم كدروع بشرية تحسبًا لقصف الطيران التابع للجيش السوداني. وفرضت عزلة تامة على الولاية بقطع جميع وسائل الاتصالات والانترنت بمصادرة أجهزة “استارلينك”.
وفرضت قوات الدعم السريع عزلة كاملة على أكثر من 30 قرية اجتاحتها بقطع الاتصالات ومصادرة أجهزة استارلينك وهواتف المواطنين الخاصة، بينما بثت مقاطع يظهر فيها أفرادها يمارسون الضرب والتنكيل بحق الأسرى، أثارت إستياءً واسعًا وسط المواطنين ووجدت استنكارًا من القوى السياسية والمدنية.
وقالت لجان مقاومة الحصاحيصا في تعميم على صفحتها في “فيسبوك” اطلع عليه “راديو دبنقا”: إنَّ قريتي السريحة وأزرق بمحلية الكاملين ، تعرضتا للهجوم من قبل قوات الدعم السريع منذ صباح أمس الجمعة الموافق 25/10/2024.
وارتكبت قوات الدعم السريع مجزرة دامية راح ضحيتها 124 شخصًا في قرية السريحة ، وأصيب نحو 200 آخرين إصابات خطيرة مع إنعدام كامل للمعينات الطبية والصحية وعدم إمكانية إخراجهم من القرية بسبب القصف المدفعي من قبل قوات الدعم السريع.
بينما تتعرض قرية أزرق للحصار الكامل من قبل قوات الدعم السريع وترتكب فيها نفس الانتهاكات التي حدثت في قرية السريحة وبقية قرى الجزيرة من قتل للمدنيين العزَّل واغتصاب ونهب أموالهم وممتلكاتهم وهواتفهم لقطع الاتصالات مع العالم الخارجي.
سيرًا على الأقدام:
وأبلغ مصدر بلجان المقاومة بمحلية الفاو بولاية القضارف لـ”راديو دبنقا” أنهم استقبلوا أمس الجمعة حوالي 279 أسرة “كأحصائية أولية” معظمهم من النساء والأطفال لكن موجات النزوح لم تتوقف. وأضاف أن هؤلاء وصلوا في أوضاع إنسانية قاسية، معظمهم بملابسهم التي على أجسادهم وحالتهم الصحية والنفسية سيئة مشيرًا إلى أنهم قطعوا مسافات طويلة سيرًا على الأقدام وذلك لعدم وجود وسائل نقل كما أن معظمهم لايملكون نقود لدفع أجرة النقل بعد نهبهم من قوات الدعم السريع .
وذكر أن هنالك موجات نزوح عالية في طريقها إلى ولاية القضارف من حوالي 35 قرية من قرى ولاية الجزيرة، ابتداْءً من تمبول مرورًا برفاعة وأم دقرسي محلية الكاملين وقرى كثيرة في هذا الخط.
وقال إنَّ النازحين أفادوا بأن قوات الدعم السريع استهدفت القرى التابعة لمحلية تمبول وارتكبت فيها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، انتقامًا من استسلام كيكل للجيش، مستهدفين أهله وإثنيته والمناطق التي كان يحميها في فترته كقائد بقوات الدعم السريع.
وأضاف أن هنالك رائد في الدعم السريع يدعى “ود ريا” كان نائب كيكل من منطقة أم دقرسي ارتكبت فيها جرائم واضطر أهلها للنزوح لمنطقة حريرة وهي المعبر الترابي المؤدي للقرية 40 بالقرب من الفاو مشيرًا إلى أن الطريق القومي يقع في خط الاشتباكات.
وأوضح بأن شباب من الناشطين في الفاو خفوا إلى منطقة حريرة لمساعدة النازحين في الوصول إلى الفاو، غير أنهم يواجهون صعوبات في انقاذهم في ظل عدم توفر وسائل مواصلات، مشيرًا إلى شح الوقود وتابع قائلًا: “البنزين ممنوع في الفاو لكن يأتي عبر التهريب بأسعار عالية جدًا كما لاتوجد مركبات تعمل بالجاز الأبيض إلا بعدد قليل”، وأضاف بأنهم يفكرون في تجهيز وجبات وإرسالها إلى هناك في منطقة حريرة لحين معالجة مشكلة النقل لترحيلهم إلى الفاو.
من جهته قال القيادي المدني بولاية القضارف جعفر خضر لـ”راديو دبنقا”: إنَّ ولاية القضارف استبقلت موجة كبيرة من النازحين إلى قرى بولاية القضارف ومحلية حلفا الجديدة التابعة لولاية كسلا.
وأضاف خضر: وصلت حوالي ثلاثين عربة نقل على متنها المئات من المواطنين، هذا في نقطة ارتكاز واحدة، لكن هنالك أعداد كبيرة في الطريق إلى هناك.
قتلى دون حصر:
وقال مصدر تحدث لـ”راديو دبنقا” إنَّه لايمكن معرفة ما يدور في قرى الجزيرة حاليًا إلا بمقابلة النازحين الذين خرجوا منها والتي شهدت اجتياحات من قبل قوات الدعم السريع، وأضاف: لكن معظم الذين نجوا بأرواحهم من هذه المجازر لايملكون وسيلة اتصال بسبب مصادرتها من قبل قوات الدعم السريع.
وذكر أن المعلومات المتوفرة تتحدث عن اجتياح لقوات الدعم السريع للقرى وعدد القتلى كبير لكن غير محصور لذلك لاتوجد احصائيات، مثل ما حدث في قرى “سفيطة الغنوماب” و”العزيبة” وفي كذا قرية من قرى الجنيد. واعتبر أن قطع الاتصالات مقصود لذاته لإخفاء الجريمة.
وفند المصد ما تروج له قوات الدعم السريع عبر إعلامها بأنها لاتستهدف المدنيين لكن تتصدى لمسلحين في قرى شرق وغرب ولاية الجزيرة خلال عملياتها العسكرية، وقال: إنَّها تحاول بث هذه المعلومات لتضليل الراي العام لكن الحقيقة أن هنالك قرى مثل “السريحة وأزرق” أو”العريباب” و”سفيطة” لاتوجد فيها أي مظاهر عسكرية بل لايحمل فيها المواطنين حتى العصى للدفاع عن انفسهم.
وأعاد التأكيد بأنه تم اجتياح هذه القرى وارتكبت فيها انتهاكات واسعة ومتواصلة وقال: إنَّ كل هذه الجرائم التي يتم الحديث عنها مثبتة فقط لاتوجد وسائل اتصال داخل هذه القرى حتى تكشف هذه الجرائم وتابع قائلًا: ” إذا عادت الشبكة أو أجهزة استارلينك للعمل في مناطق في شرق الجزيرة، فمن المتوقع أن يرى الناس فظائع لم يروها من قبل في المناطق التي قامت باجتياحها قوات الدعم السريع”.
مناشدة للعالم:
من جهتها ناشدت اللجنة التمهيدية لنقـــابة أطبــاء الســـودان في بيان تحصل عليه “راديو دبنقا”، الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي بالضغط لفتح ممرات آمنة والعمل الجدي على ذلك لتمكين الصليب الأحمر وأطباء بلا حدود وغيرها من المنظمات من الوصول لمواطني قرى الجزيرة الذين يتعرضون لإبادة جماعية من قبل قوات الدعم السريع ولا توجد إمكانية لاسعاف المصابين أو حتى إخراجهم لتلقي العلاج. والذين نزحوا على الاقدام حصد الموت حياة البعض ويتهدد البعض الآخر.
وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء إنَّ إنسان السودان يتعرض للموت خلال هذه الحرب بشكل مباشر بنيران الأسلحة وبشكل أبشع عبر الجوع والمرض، واضافت: هنالك أسرة باكملها ماتت بالحميات أو مات عدد من أطفالها بالجوع والمرض .
واعتبرت أن السودان مأساة منسية ووجع مستمر، وأن ما حدث ويحدث في قرى شرق الجزيرة، انتقل لقرى شمال الجزيرة وغيرها من القرى يصعب وصفه. مؤكدةً أن الجيش غير قادر على حماية المدنيين.
وطالبت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، المجتمع الدولي بتصنيف “مليشيا الدعم السريع” كمنظمة إرهابية، ومعاقبة الدول الداعمة لها أو على الأقل إجبارها على وقف دعمها الذي زاد من أمد الحرب ومن معاناة الشعب السوداني”.