خوفا من القتل والاغتصاب.. 50 ألف نازح يفرون من الجزيرة إلى شرق السودان

أسر فارة من شرق الجزيرة بسبب هجمات الدعم السريع - اكتوبر 2024- وسائل التواصل

أمستردام: 28 أكتوبر 2024: راديو دبنقا

اضطر مصطفى محمد للفرار من قريته في ريفي تمبول بشرق الجزيرة، برفقته طفلتين وشابة في مقتبل العمر، صوب مدينة القضارف بعد أن هاجمت قوات الدعم السريع عدداً من القرى بشرق وغرب الجزيرة الأسبوع الماضي.

 ويقول مصطفى لراديو دبنقا “على الرغم من اندلاع الحرب في البلاد منذ أكثر من عام ونصف، وسيطرة قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة منذ 10 أشهر كنا نعيش في أمان في قريتنا الوادعة، وظللنا نرى النزوح ومعاناته في شاشات التلفاز ولم نتوقع أن نكون من ضحاياه”.

ويضيف:” اضطررنا للفرار على ظهر شاحنة “جرار” ومعنا كبار سن وأطفال حديثي الولادة لمسافة 20 كيلومتراً”.

وقالت مصفوفة تتبع النزوح التابعة لمنظمة الهجرة الدولية في تقريرها اليوم إن 9332 أسرة نزحت من تمبول والقرى المحيطة بها في الفترة من 20 إلى 27 أكتوبر إلى محليات الفاو والبطانة ومدينة القضارف بولاية القضارف؛ وحلفا الجديدة وريفي خشم القربة ومحلية ريفي نهر عطبرة بولاية كسلا.

وشنت قوات الدعم السريع هجوماً واسعاً على قرى شرق وشمال وغرب الجزيرة عقب انشقاق قائد الدعم السريع في الجزيرة أبو عاقلة كيكل، وهو من أبناء شرق الجزيرة، وانضمامه إلى الجيش الأسبوع الماضي.

ووفقاً للجان مقاومة مدني فإن قوات الدعم السريع شنت هجوماً على 6 مدن و51 قرية بشرق الجزيرة و6 قرى بغرب الجزيرة.

القرى التي تعرضت لهجمات من قبل الدعم السريع في شرق وغرب الجزيرة-تحرير:راديو دبنقا

ويضيف مصطفى محمد في مقابلة مع راديو دبنقا بعد وصوله إلى القضارف (لا تتوفر مركبات في منطقتنا منذ سيطرة الدعم السريع على ولاية الجزيرة بسبب تعرضها للنهب ولذلك لجأنا إلى استقلال الجرار..انفصلت عن أسرتي وأطفالي لمدة يوم وانهمرت الدموع من عيوني عندما وجدت أطفالي الصغار.. عانينا كثيراً في الطريق جراء التفتيش واضطررنا للمبيت في عدة مناطق).

وتقول نازحة فرت من تمبول إلى القضارف لراديو دبنقا “أجبرنا على مغادرة قريتنا سيراً على الأقدام بينما استقل كبار السن وذوي الإعاقة والأطفال الحمير و”الدرداقات”،  وتضيف قائلة :”رحلتنا  سيرا على الاقدام استغرقت 10 ساعات واضطررنا لشرب مياه الامطار الراكدة ، ووصلنا الرحلة على متن شاحنة حتى وصلنا إلى القضارف في رحلة قاسية استغرقت ثلاثة أيام بينما وصلت بعض الأسر بعد ستة أيام”.

أوضاع قاسية

وكشف المتطوع محمد بري من مبادرة شبابية بالقضارف في مقابلة مع راديو دبنقا إن النازحين من شرق وشمال الجزيرة وصلوا إلى مدينة القضارف في أوضاع إنسانية سيئة لأنهم اضطروا للمشي لمسافات طويلة، مشيراً إلى ايوائهم في أحياء دار النعيم والجمهورية والعاقب بينما يقيم بعضهم بالقرب من صالة البراء والملجة والسوق الشعبي.

وأوضح أن أعداد من النازحين ما زالوا عالقين في القرى على الطريق بسبب عدم توفر المركبات فيما شكا بعض النازحين إن عدداً كبيراً من ذويهم ما زالوا في عداد المفقودين منذ أسبوع. مع استمرار انقطاع شبكة الاتصالات وإيقاف قوات الدعم السريع لأجهزة استارلينك.

وأشاد محمد بري بالجهود المجتمعية بولاية القضارف في إيواء النازحين واستضافتهم مشيراً إلى صعوبة الحصر الكلي للنازحين الذين وصلوا إلى المدينة بسبب استضافة معظمهم في منازل ذويهم وانتقال آخرين إلى المدن والقرى المجاورة.

النزوح من الجزيرة إلى ولايتي كسلا والقضارف-مصفوفة تتبع النزوح

الفرار خوفا من القتل والاغتصاب

وبحسب شهادات عدد من الفارين من قرى شرق وشمال الجزيرة فإن الخوف من اغتصاب النساء وقتل الرجال يعد السبب الرئيسي للنزوح. ويقول أحد النازحين لم نقاوم منسوبي الدعم السريع على الرغم من اقتحام منازلنا ونهب ممتلكاتنا ويضيف قتل ثلاثة من سكان قريتنا خلال دفاعهم عن اسرهم بالأسلحة البيضاء وتصديهم لمحاولات اغتصاب بناتهم.

وقالت سليمي اسحق مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة لـ”راديو دبنقا” أنهم رصدوا 21 حالة عنف جنسي مرتبطة بالصراع بينها 17 حالة في قرية واحدة من القرى كما أن هنالك ثلاثة من الكوادر الصحية اللائي تم استهدافهن داخل مركز طبي”.

وتعرضت ممتلكات المواطنين والممتلكات العامة لعمليات نهب واسعة، وتضيف نازحة  (منسوبو الدعم السريع نهبوا وحدة الطاقة الشمسية في البئر بقريتنا وسرقوا منازلنا واعتدوا بالضرب على الرجال الذين تركناهم لحراسة المنازل “.

من جهتها قالت منسقة الأمم المتحدة للشئون الإنسانية في السودان كملنتين سلامي في بيان يوم الأحد “أشعر بالصدمة والفزع العميق لأن انتهاكات حقوق الإنسان من النوع الذي شهدناه في دارفور العام الماضي – مثل الاغتصاب والهجمات الموجهة والعنف الجنسي والقتل الجماعي – تتكرر في ولاية الجزيرة. هذه جرائم فظيعة”، وأشارت إلى أن “النساء والأطفال والفئات الأكثر ضعفا يتحملون وطأة الصراع الذي أودى بحياة الكثير من الناس بالفعل”.

بالمقابل اتهمت قوات الدعم السريع الجيش والحركة الاسلامية في بيان أمس الاثنين بتنفيذ مخطط الحرب الأهلية بمساعدة كيكل،

وأوضح الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع في بيان إنهم يواجهون قوات مدججة بالأسلحة الثقيلة في قرى الجزيرة وتمتلك مسيرات ومركبات مزودة بالأسلحة. ولكن مواطنون وجهات مدنية وسياسية تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات واسعة تجاه المدنيين. في قرى شرق وغرب الجزيرة.

واتهمت لجان مقاومة مدني في تقرير الدعم السريع بقتل النساء والأطفال والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة في شرق وغرب الجزيرة، كما اتهمتها بارتكاب جرائم الاغتصاب والسرقة، النهب المسلح، الاختطاف طلباً للفدية، فضلاً عن اقتحام المرافق الصحية والأسواق، الضرب المبرح للنساء والأطفال وكبار السن ، الاحتجاز القسري والاعتقال التعسفي ، التصفية على أساس عرقي وإثني ، التمثيل بالجثث .

مركز ايواء المدرسة المصرية – وسائل التواصل

30 ألف نازح في حلفا ونهر عطبرة

وكشف متطوعون في غرفة طوارئ حلفا الجديدة عن وصول 30 ألف نازح من تمبول والقرى المجاورة لها ومناطق شرق وشمال الجزيرة إلى محليتي حلفا الجديدة ونهر عطبرة. وصفت الغرفة أوضاع النازحين بالكارثية.

وقال المتطوع محمد محمود من غرفة طوارئ حلفا الجديدة لراديو دبنقا إن الأعداد متزايدة وإن النازحين يستقلون شاحنات ومختلف أنوع المركبات.

ولفت متطوع آخر إلى أن أعداد كبير من النازحين وصلوا إلى حلفا الجديدة قادمين من تمبول وود الأغبش والعزيبة والجنيد والهلالية يعيشون أوضاع نفسية وإنسانية سيئة ومعظمهم من كبار السن والنساء والأطفال..

وأوضح غرفة طوارئ خلفا الجديد إن النازحين جرى استضافتهم في 9 مراكز إيواء في حلفا الجديدة و11 قرية عبر تشييد خيام.

وقال محمد محمود إن من بين المراكز التي جرى انشاؤها مركز إيواء المدرسة المصرية، ومراكز النقل الميكانيكي ، ومركز البيطري، والتوفيقية، وعبد الوهاب جلال .

وأشاد بالتحرك المجتمعي في حلفا الجديدة لاستقبال النازحين ونوه إلى الحاجة الماسة للخيام ومواد الإيواء والحمامات المؤقتة مشيراً إلى تحركات مجتمعية إيجابية لتوفير المواد الغذائية، كما تعمل الجمعية الطبية بحلفا الجديدة في مجال العيادات الميدانية. فيما قالت غرفة طوارئ في تقريرها اليوم الاثنين إن العيادة الميدانية في مدرسة المصرية توقفت لنقص الدواء ومحاليل المعمل.

ونفى المتطوع محمد محمود تسجيل حالات إصابة بالكوليرا وسط النازحين وقال إنهم رصدوا ثلاث حالات إصابة بالإسهالات وجرى نقلها إلى مستشفى حلفا الجديدة وتماثلت للشفاء. وكانت مصادر طبية كشفت لراديو دبنقا عن تسجيل حالتي إصابة مؤكدتين بالكوليرا ونقلت الحالات إلى مركز العزل بمستشفى حلفا الجديدة.

وأشارت غرفة طوارئ حلفا الجديدة إلى أن المدينة استقبلت زيارة ميدانية من شباب غرفة طوارئ كسلا مشيرة إلى تقديمهم ادوات مطبخ لمركز البيطري و أدوية و مواد غذائية ستسلم يوم غد .

من جهة أخرى اكد المدير التنفيذي لمحلية ريفي خشم القربة بولاية كسلا محمد طاهر شيبة أن المحلية قامت بتشكيل عدد من اللجان المختصة منها الامنية والصحية واخري للايواء مشيرا الي ان عملية ايواء الوافدين ستتم دون التاثير علي العملية التعليمية.

شهادات

ويقول أحد النازحين من شرق الجزيرة إلى القضارف “ما جرى في شرق الجزيرة كان أمر مفاجئ بالنسبة لنا” مبيناً إن قوات الدعم السريع اقتحمت منازل المواطنين في الخامسة من عصر ذات اليوم (20 نوفمبر) الذي انسحب فيه الجيش من المدينة بعد معارك ضارية.

ويضيف قائلاً بسبب انقطاع شبكة الاتصالات اضطر المواطنون للانتقال من منزل إلى منزل عبر الأسوار للتنسيق مع بعضهم البعض” وتابع:”خرجنا في تمام الساعة 12 ليلاً  في رحلة على الاقدام استغرقت عشر ساعات إلى قرية مجاورة قبل استقلال الشاحنات في طريقهم إلى القضارف” .

وتقول نازحة أخرى ” سمعنا بكاء وعويل نساء وصراخ رجال وعرفنا لاحقا أن البكاء ناجم عن مقتل رب أسرة إثر مقاومته لاغتصاب إحدى بناته”.

وتضيف قائلة: واجهنا صعوبات في رحلة النزوح فوالدنا كفيف ووالدتنا تعاني من آلام الغضروف، ومعنا امرأة وضعت حديثا وأخرى مصابة بجلطة في الرجل ولكننا تمكنا من تذليل العقبات والخروج من قريتنا وتضيف تركنا ممتلكاتنا وأموالنا وخرجنا بالملابس التي نرتديها”.

ومع استمرار الحرب، تتواصل فصول معاناة ونزوح المواطنين حيث تجاوز عدد النازحين حاجز العشرة ملايين نازح، بينما فاق عدد الذين عبروا الحدود أكثر من ثلاثة ملايين ولكل منهم قصة ورواية لا تنتهي إلا بوقف الحرب وحلول السلام.

Welcome

Install
×